تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الحرم الابراهيمي الشريف

  • الحرم الابراهيمي الشريف
    the ibrahimi mosque
  • الحرم الابراهيمي الشريف
  • الحرم الابراهيمي الشريف
  • الحرم الابراهيمي الشريف
  • الحرم الابراهيمي الشريف

يعتبر الحرم الإبراهيمي في الخليل أقدم بناء مقدس في العالم ما زال مستخدما حتى اليوم ودون انقطاع تقريباً. وجاءت قدسيته، على ما يعتقد، لضمه رفات نبي الله إبراهيم وزوجته سارة، وابنيهما إسحاق ويعقوب وزوجتيهما ليقا ورفقا. وأغلب الظن أن هذا المكان المقدس قد ساهم بشكل كبير في التواصل الحضاري لمدينة الخليل، وجعلها مدينة ذات شهرة عالمية، حتى سميت أماكن أخرى في العالم، مثل بريطانيا والولايات المتحدة ... الخ، باسمها (Hebron).
ولا نعرف على وجه اليقين متى بدأت قدسية الموقع، فالمصادر التاريخية لا تسعفنا في تتبع تاريخ الحرم قبل الفترة الرومانية بكثير، وبالتالي لا نعرف متى حدد موقع دفن الأنبياء، ومتى بدأت قدسيته تأخذ مكانتها بين السكان. وقد نستطيع إعادة تاريخ قدسية المكان إلى قرون عدة قبل الميلاد، لكن تبقى هناك فجوة تاريخية كبيرة، حيث عاش سيدنا إبراهيم الخليل في القرن السابع عشر قبل الميلاد؛ أي أن الفجوة التاريخية تزيد على ألف عام، التي من ناحية علمية لا نستطيع التكهن بها، كما أن الآثار لم تستطع إسعافنا.
 
يتكون المبنى الحالي من سور ضخم (حير) شيد فوق مغارة مزدوجة. وينتاب تاريخ بناء الحير بعض الشك، فقد ذكر المؤرخ الروماني يوسيفوس (ولد حوالي 37م ومات بعد العام 100م بقليل) كل المباني التي بناها الملك هيرودوس (حكم 37 ق.م إلى 4 ق.م)، ولا يذكر الحرم الإبراهيمي من ضمنها، ولا يربط ما بين المبنى وهيرودوس، لكن الطراز المعماري الذي بني به الحير لا يدع مجالاً للشك بأنه على الطراز المعروف بالهيرودياني. ويتميز هذا البناء باستعمال الحجارة الضخمة التي قد تصل إلى أمتار عدة طولاً (أطولها 7.5م)، وبارتفاع قد يزيد على متر (أعلاها 1.4م).
ويذكر بأنه وعلى الرغم من ضخامة البناء وعمره المديد الذي يزيد على ألفي عام، وعلى الرغم كذلك من تعرض المدينة إلى العديد من الزلازل الشديدة، فلم يفقد المبنى رشاقته، ولم يتعرض إلى ضرر يذكر يقتضي ترميمه. وأما الحجارة فهي شديدة التهذيب، ويحيط بالحجر إطار مسمسم عرضه حوالي 10 سم.
 
والحير الأصلي مبنى غير مسقوف مستطيل الشكل، يبلغ طوله 59,28م، وعرضه 33,97م، وارتفاعه 16م، أما سمك الجدران فيبلغ حوالي 2,68م، ويتجه المبنى باتجاه الجنوب الشرقي. ويتشكل كل جدار من الخارج من جزأين، الأسفل مداميك عادية صماء ضخمة وعالية، أما الجزء الثاني فترتفع منه دعامات مدمجة بالجدار بلغ عددها 48 دعامة (16 دعامة في الجدارين الطوليين، و8 دعامات في الجدارين العرضيين)، يزداد عددها وتقاربها كلما اقتربنا من الأركان، الأمر الذي يحولها إلى شكل من أشكال الأعمدة المدمجة، فتزيد المبنى مناعة وتضفي عليه لمسات جمالية تكسر رتابة الجدار المرتفع الصم الخالي من الفتحات. وينتهي كل جدار ببضع مداميك من فترات لاحقة (على الأغلب من الفترة العثمانية) مغطاة بالملاط (كشفت أثناء الترميم الأخير وكحلت حجارتها).
 
................
 
لتفاصيل إضافية، يمكنك الإطلاع على كتاب "الخَلِيـلُ القَدِيمَـةُ سِحْرُ مَدينةٍ وعَمَارةٌ تَاريخيّة"، الموجود لدى لجنة إعمار الخليل.
 

 

بدأ الحرم الإبراهيمي يعاني من إجراءات الاحتلال التي بدأت منذ العام 1967 بالتدخل التدريجي بشؤون الحرم، ومحاولات السيطرة عليه، أولاً عبر خلخلة السيطرة الإسلامية عليه، ثم السماح لليهود بالصلاة، وبعدها تدريجياً حجز مناطق من الحرم لصلاة اليهود، ومنع المسلمين من الدخول أيام الأعياد والاحتفالات اليهودية، وصولاً إلى الوضع الحالي، الذي جاء تتويجاً لسلسلة من الإجراءات، كان آخرها توصيات لجنة شمغار. وقد جاءت هذه الإجراءات بعد مجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف.
 
واليوم، ونتيجة لتقسيم الحرم الإبراهيمي نتيجة للمجزرة التي ارتكبها غولدشتاين سنة 1994، فقد تحول الحرم الى ثكنة عسكرية، يمر المصلي خلالها بأكثر من تفتيش قبل أن يصل للوقوف بين يدي ربه. كما أدى ذلك إلى تقسيم الحرم الشريف بين المسلمين واليهود، ما حول الحرم إلى نقطة تصادم وتوتر دائمة. لقد أفقدت هذه الإجراءات الحرم الإبراهيمي الكثير من قدسيته، حيث يتم الدخول إليه من قبل المصلين اليهود والجيش بالأحذية، وهذا يعتبر تدنيساً للمكان المقدس في المفهوم الإسلامي، عدا عن إدخال النبيذ إلى داخل الحرم لاستعماله في الشعائر اليهودية.
 
وفي الأيام الأخيرة، قامت لجنة إعمار الخليل، وبالتعاون مع دائرة الأوقاف الإسلامية، بترميم الحرم كاملاً، وإظهار جماليات المبنى، وإعادة الألوان المختلفة داخله إلى سابق عهده.

في أقدس بقعة وفي الشهر الفضيل وفي اليوم المبارك، فجر الجمعة الخامس عشر من شهر رمضان لعام 1414هـ والموافق الخامس والعشرين من شباط لعام 1994م ، حدثت مجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف، حدثت في البقعة المقدسة التي يدعي اليهود أنهم يقدسونها، فقد أرسلو ضابطاُ من جيشهم المستوطن، هذا الطبيب الذي يفترض في طبه ان يعالج الإنسانية، هذا المجرم باروخ جولدشتاين، أرسلوه لتنفيذ الجريمة البشعة داخل الحرم وفي حضرة سيدنا إسحق وزوجته عليهما السلام، وذلك بعد أن سهلوا له الدخول بسلاحه.

دخل المجرم القاتل الى المكان الهدف وتمترس خلف أحد أعمدة الإسحاقية، وانتظر حتى سجود المصلين، وعندها فتح عليهم نيران الحقد الاعمى، واخترقت الرصاصات والشظايا رؤوس المصلين ورقابهم وظهورهم، واستشهد نتيجتها تسعة وعشرون مصلٍ وأصيب العشرات، كل ذلك داخل الحرم فقط، ولولا ان المصلين تصدوا للمجرم وقتلوه، لكان عدد القتلى اكثر بكثير، ولكن المجرم لقي مصيره وأردي قتيلاً على يد المصلين.

وبعد تنفيذ المذبحة، قام جنود الاحتلال الموجودون في الحرم وساحاته بإغلاق ابواب المسجد لمنع المصلين من الخروج ومنع القادمين من خارج الحرم من الوصول لإنقاذ الجرحى وإخلاء الشهداء. واستمر ذلك فترة من الزمن اندلعت من خلالها في محيط الحرم مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال استشهد على إثرها اربعة آخرون وأصيب العشرات. وما أن علمت المدينة بالخبر حتى اندلعت المواجهات مع قوات الاحتلال الصهيوني في كل أحياء المدينة ليرتفع عدد الشهداء الى خمسين شهيداً.

وكانت نتيجة المجزرة ان دفعت الضحية الثمن، وتحت انظار العالم أغلق الحرم اشهراً طويلة، واغتصب أكثر من نصف الحرم وحوّل الى كنيس لصلاة أمثال غولدشتاين، ومنع المسلمون من دخوله وكثرت الحواجز التي تجعل دخولهم أمراً صعبا، ومع كل ذلك فما زال المسلمون يتوافدون على مسجدهم غير آبهين بحواجز الإحتلال وجرائم مستوطنيه.