تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

لجنة اعمار الخليل تطالب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" بارسال لجنة تقصي حقائق حول انتهاك قدسية الحرم الابراهيمي الشريف من قبل الاحتلال الاسرائيلي

مر الحرم الابراهيمي الشريف ثاني اقدس المعالم الإسلامية في فلسطين بسلسلة من الظروف الأمنية المعقدة خاصة في اعقاب المجزرة التي ارتكبت في عام 1994 وما تلاها من قرارات جائرة من قبل لجنة "شمغار" والتي اصدر بموجبها تقسيم الحرم زمانيا ومكانيا بين المستوطنين اليهود والمسلمين، فتم السيطرة بالقوة على ما يزيد عن 60% من مساحة الحرم وعلى كافة الساحات والحدائق الواقعة امامه وحرمان المواطنين المسلمين من الدخول اليها، مما أدى الي التمادي في محاولات طمس المعالم التاريخية والاثار والحضارة الإسلامية والعربية التي اكدتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" من خلال ادراج بلدة الخليل القديمة والحرم الابراهيمي الشريف على لائحة التراث العالمي الإنساني المهدد بالخطر عام 2017، وذلك نتيجة الجهود الحثيثة التي بذلتها ومازالت تبذلها لجنة اعمار الخليل في سبيل الحفاظ على الإرث الفلسطيني والهوية التاريخية للبلدة القديمة والحرم الابراهيمي الشريف.

يفيد مدير عام لجنة اعمار الخليل الأستاذ عماد حمدان ان المستوطنين بدأوا بالترويج لمخطط استيطاني يهدف الى السيطرة الكاملة على الحرم الابراهيمي الشريف وتحويله لكنيس يهودي يحج اليه اليهود من كافة المناطق، حيث تقدم المستوطنون بمخطط هندسي في حزيران عام 2000 لبناء مصعد للحرم الابراهيمي بحجة تمكين ذوي الاحتياجات الخاصة من الوصول للحرم، وازدادت حدة مطالبهم عام 2017 بعد ان ادرجت اليونسكو الحرم الابراهيمي على لائحة التراث العالمي.

واثناء العمل بتجهيز المصعد تم العثور على بقايا اثرية مما أدى الى توقف العمل في المسلك والبدء بحفريات اثرية من قبل ما يسمى سلطة الاثار الإسرائيلية وذلك كما صرح نائب وزير الامن في أكتوبر 2021 معلنا بان سبب توقف الحفريات هو الاصطدام بموقع اثري.

بدأ العمل في حفريات جديدة لتأسيس قاعد مصعد في تاريخ 2/2022 وتم صب قاعدة الخرسانة في 1/3/2022 تلا ذلك تركيب الهيكل الحديدي للمصعد في 26/5/2022، وفي تاريخ 26/10/2022 كشفت المواقع الإعلامية العبرية  عن وجود موقع اثري مكان تأسيس المسلك الخاص للمعاقين .

وفي مطلع ديسمبر كانون اول 2022يتمادى الاحتلال لأبعد حدوده بكل عنجهية ويعمل على طمر هذا المكان الاثري بالكامل وتجريفه.

يشير حمدان الى ان تدمير وتجريف هذه البقايا الاثرية  هو تدمير للدليل المادي الشاهد على وجود نسيج عمراني يعود للعهد المملوكي على اقل تقدير والذي يحمل في تفاصيله مباني سكنية ومنشأت عامة وقناطر مملوكية وعثمانية وبنية تحتية قد تعود للفترة الرومانية، وضياع أي جزء منه يؤثر بشكل سلبي على اصالة وتكامل موقع التراث العالمي وبالتالي يهدد قيمته العالمية الاستثنائية.

وبهذا فقد توجهت لجنة اعمار الخليل بصفتها الجهة المسؤولة امام اليونسكو عن إدارة البلدة القديمة كموقع مدرج على لائحة التراث العالمي برسالة توضح لها ما يحدث من انتهاك خطير بحق الموروث الثقافي وتطلب منها بانتداب لجنة تقصي حقائق للوقوف على مصير هذه البقايا الاثرية وحمايتها كشاهد على تراثنا الحضاري الإنساني.

وعلى الرغم من كلِّ المعيقات التي يضعها الاحتلال الإسرائيلي إلا أن لجنةَ إعمارِ الخليل تنظر للحرمِ الإبراهيمي بعين الحرص والخوف عليه، فبذلت كلَّ ما بوسعها لترميمِه إبتداءً من الساحات وانتهاء بالقباب حيث شملت أعمال الترميم كل ركن وزاوية ومكان في الحرم، حيث بدأـت لجنة اعمار الخليل بترميم الحرم الابراهيمي منذ عامَ ألفٍ وتسعمئةٍ وثمانيةٍ وتسعين، من خلال جهاز فني محلي متخصص بأعمال الصيانة، حيث عملت على تدريب فريقا للعمل، مع الاخذ بعين الاعتبار ضرورة تعزيز الحضور الفلسطيني الإسلامي داخل الحرم وخارجه.

ويؤكد حمدان ان الاهتمامُ بالحرمِ الإبراهيمي بكافةِ جوانبِه، واجبٌ إسلامي، أخلاقيٌ ووطني، فهو ليس مجرَّدُ مبنى أثري قائم فحسب، بل أعظمُ من ذلكَ بكثير، كونُه مطْمَعاً أساسياً للاحتلال، لتواجدهِ في قلبِ خليل الرحمن، وسعيه الدائم لتقسيمِه وتحويله لكنيس يهودي ومنحِه للمستوطنين، وهذا يجعل كلَّ فلسطيني ينظرُ إليه على أنه نقطةَ اشتباك لا تنفك، إلا باستعادتِه كاملاً، حتى يظلَ زاهياً بألوانِه، شامخاً بمآذنه، لا يهتزُ لنوائبِ الدهر، ولا تحركُه أمواجُ المحتل مهما كانت عاتية.